الأربعاء، 2 يناير 2013


دليل
للعاملين في مجال

"حقوق الإنسان" و"القانون الإنساني الدولي"
اعداد
المدرب /
سرود محمود شاكر
Wwwhuman-human.blogspot.com
00964772569081





المحتويات
1- المقدمة   ص3 –ص4
2- الفصل الاول / تطور مفهوم حقوق الانسان ص5 – 10
3- الفصل الثاني / الرصد انتهاكات حقوق الانسان ص11 –ص14
4- الفصل الثالث معايير القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الانساني الدولي ص15-ص24
5- المصادر













مقدمة:
حقوق الانسان هى:"حقوق طبيعية تولد مع الانسان دون اعتراف الدولة بها وهىذا أمر مقدس فى ذاته يجب مراعاتها دائما وعدم المساس بها فلا يجب ان يضطهد الانسان او يتعرض له غيره ومن ان يكون محررا من سلطة الاخرين.
وتنطوى حقوق الانسان على ثلاثة ابعاد هى:
اولا- بعد فلسفى: يجعل من حقوق الانسان امرا يرتبط بطبيعتها الانسانية,فهى قيم ومبادىء تميز الكائن البشرى عن غيرة من الكائنات باعتباره موجودا طبيعيا عاقلا وحرا، يمتلك ذاته وامكانية الجسدية والفكرية,وهذا الحق فى امتلاك الذات والامكانيات الجسدية والفكرية وممارستها شرط ضرورى لتمييزة ككائن بشرى.
ثانيا-بعد تاريخى: حقوق الانسان وقيمها ومبادئها انتاج انسانى عالمى مشترك ساهمت فيه كل الحضارات وكل الاجناس لخدمة المجتمع الانسانى.
ثالثا:بعد قانونى:يجعل من الامتيازات المتاصلة فى طبيعة الانسان حقوقا تتمتع بضمانة قانونية دولية ووطنية تحميها وتحافظ عليها المنظمات الدولية والجهات القضائية داخل كل دولة.
ليس المقصود هنا سرد تاريخ فكرة حقوق الإنسان أو العرض المطول لمضمونها، وإنما نقصد بيان ملامحها الرئيسة وتبيان بعض مظاهر تطورها على المستويين الدولي والوطني.
إن مصطلح حقوق الذي نتعامل معه مصطلح دولي تم تحديد ملامحه في المجتمع الدولي وبالتحديد داخل هيئة الأمم المتحدة كرد فعل على النتائج المدمرة للحرب العالمية الثانية. وهذا المصطلح لم يشكل مفهوما جديد في تاريخ البشرية ولكنه أخذ أشكالا عديدة في السابق، وكان نتاج نشاط بشري يحاول الإجابة على سؤال الظلم والمعاناة والقهر، ورفض أنماط النشاط البشري التي أنتجت هذه المعاناة فالعبودية والتسلط والحروب المدمرة واستغلال الأطفال والعمال والمذابح الجماعية والتمييز بين البشر على أساس العرق والتعذيب والفقر كلها أحداث قديمة، وأيضا العمل لإيقاف هذا الظلم هو نشاط بشري قديم.
ومعنى حقوق الإنسان ببساطة يشير إلى الحقوق التي يُعتقد أن كل البشر ينبغي أن يتمتعوا بها لكونهم بشر، وينطبق عليهم الشرط الإنساني. أي أن هذه الحقوق ليست منحة من أحد, ولا يؤذن فيها من الدولة. وهذه الأخيرة لا تمنحها ولا تمنعها. فبينما قد تختلف الأنظمة القانونية من دولة إلى أخرى, فإن الحقوق المرصودة والمقررة   للإنسان هي استحقاقات لا لبس ولا غموض حولها في القانون الدولي، أي أن كل دولة مطالبة بأن تكيف أنظمتها القانونية بحيث تستوعب, وتعكس, وتطبق, وتحترم مواد القانون الدولي الخاصة بحقوق الإنسان.ولعل حقوق الإنسان كتعبير لم يتم استخدامه إلا في وقت قريب حيث كان تداول "الحقوق" دون ربطها بالإنسان، ولكن حقوق الإنسان هي نتائج الانتماء إلى الجنس البشري، ومرتبطة بطبيعة الجنس البشري فهي الحقوق المتأصلة في الإنسان لكونه إنسان.














الفصل الاول
تطور مفهوم حقوق الانسان

·       لمحة تاريخية عن تطور فكرة حقوق الإنسان :
ولدت فكرة حقوق الإنسان معه وتطورت هذه الأفكار عبر التطور الذي عرفه الإنسان منذ القدم عبر كل الفترات الزمنية وفي كل الأماكن، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من تراكم علمي ومعرفي وقانوني تجلى في بروز حقوق الإنسان وصدورها في مواثيق وصكوك دولية.
وقد تم تأكيد كرامة الإنسان في الديانة المسيحية، باعتبار أن الخالق قد خصه بهذه الكرامة. وولدت فكرة القانون الطبيعي لتأكيد حقوق الأفراد ومقاومة الطغيان واعتبرت أن للفرد حقوقاً طبيعية كامنة في طبيعته كإنسان، وهي حق الحياة والحرية والملكية، وان الفرد بدخوله الجماعة إنما يهدف إلى تأكيد ذاته وكفالة حقوقه وليس التنازل عنها، وان واجب الدولة حمايتها وعدم الانتقاص منها. ثم تطورت الفكرة إلى تصور نظرية للعقد الاجتماعي وبموجبها تنازل الأفراد عن جزء من حرياتهم المطلقة في سبيل إنشاء سلطة تتولى حمايتهم وتنظيمهم، ويظل الجزء الآخر من الحريات التي احتفظوا بها بمنأى عن تدخل الدولة وإلا فقدت سبب وجودها وأخلَّت بالأساس الرضائي لسلطتها.
ومع ظهور الإسلام حصلت منعطفات تاريخية مهمة على جميع المستويات ومن ذلك ما تضمنته رسالته في القرآن والسنة من مضامين متعددة، وقواعد تنص على كرامة الإنسان وتحريم استعباده، وتجلى ذلك أيضا في سلوكات نبيه ووصاياه وأحاديثه، لقد وضع الإسلام القواعد والمبادئ الراسخة لكرامة الإنسان، ولمبدأ المساواة وعدم التمييز، ولوحدة الأسرة الإنسانية وللدعوة إلى التعاون بين الشعوب، ولحرية الإنسان في العبادة وحق الحياة والحرية، ومبدأ التكافل الاجتماعي، ونبذ كل مظاهر استعباد البشر.
وفي ضوء كل الأفكار السابقة والتراكمات المعرفية انبثقت المواثيق الأولى لحقوق الإنسان في بعض الدول ومنها بريطانيا حيث صدر العهد الأعظم سنة 1215م ولائحة الحقوق سنة 1688م، وفي الولايات المتحدة اعلان الاستقلال سنة 1776م، وفي فرنسا الاعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن سنة 1789م.
ومع ظهور التصنيع في أوروبا وما نتج عنه من مشاكل عمالية، نشأ ما يسمى بالديموقراطية الاقتصادية والاجتماعية، وبدأت تظهر آثار ذلك في حقوق الإنسان وخاصة في دستور 1848م في فرنسا، وما تلاه من دساتير دول أوروبية أخرى تضمنت إشارات إلى التزام الدولة بحماية المواطن وتعليمه ومساعدته.
وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين ، نشأ تطور آخر أكثر أهمية، فقد نصت دساتير بعض الدول الأوروبية على حق العمل وحق الأمن الاجتماعي وحماية تكوين النقابات وبعض حقوق الأسرة.
وأما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد صدرت عدة دساتير لدول أوروبا الشرقية على نمط المذهب الاشتراكي وتضمنت العديد من الحقوق، وفي هذه الفترة حصلت كثير من دول العالم الثالث على استقلالها، وكان من متممات مظاهر استقلالها إصدار دساتير حديثة، حرصت على تضمينها نصوصا عن حقوق الإنسان سايرت فيها أحدث الاتجاهات في هذا المجال، وكذلك الحال في الدساتير الجديدة لدول أوروبا الغربية التي طورت وكفلت حماية حقوق الإنسان، لقد تطورت حقوق الإنسان من الفردية إلى الجماعية أي التي لا يمكن تحقيقها إلاّ جماعيا كحقوق الأسرة، والأقليات اللغوية، والجماعات الإقليمية، وتعتبر هذه الجماعات دائما وسائل لخدمة الإنسان الذي هو الهدف الأصلي. كما حدث تطور نحو الجماعية من حيث ممارسة الحقوق كحرية العبادة الجماعية وحق تكوين النقابات وحق الإضراب وحرية إنشاء الأحزاب السياسية .

·       تقنين حقوق الإنسان :
صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الاول 1948. وعدد بعد ديباجته، حقوق الإنسان في الحياة، والحرية، والكرامة، والمساواة أمام القانون، والاجتماع، والاعتقاد... وهي كلها حقوق فردية، يطلب الإعلان من الدول احترامها وعدم خرقها فالقاعدة هي أن هذه حقوق طبيعية، وليست منحة من أي سلطة وكل انتهاك لهذه الحقوق، يجب التنديد به، ومطالبة الدولة بالكف عنه فوراً وتعويض أصحاب الحق المنتهك.
في عام 1948 اتخذ العالم، من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا تاريخيا بتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتباره المرجعية الدولية لتحديد الحقوق المعترف بها، والتي يجب أن تحترم وتعزز لجميع بني البشر دون تمييز، هذا الحد   الأدنى من الحقوق الإنسانية الذي يوفر الظروف المناسبة لتحقيق التنمية والعدالة والمساواة والسلم والأمن الدولي؛ حيث شكلت لجنة دولية لحقوق الإنسان في عام 1946 بقرار من مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي عهد إليها إعداد وصياغة مبادئ ومعايير أساسية تشكل قاعدة الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، حيث أتمت مهمتها بعرض اقتراح مشروع على الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1948 .
لقد أضفى قبول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جانب عدد كبير من أعضاء المجتمع الدولي على المبادئ الواردة في هذا الإعلان وزنا معنويا كبيرا، هذا الوزن ترك أثره الملموس على دساتير البلدان وقوانينها بحيث أصبح الجمهور يطالب بتضمين البنود الخاصة بهده الحقوق ضمن دساتيرها، وأصبحت مقياسا لرقي الدستور. ولقد تمت ترجمة مصطلح حقوق الإنسان الدولي على شكل مجموعة من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، شكلت في مجملها معايير حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، ولعل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان تمثل فقط الانطلاق لهذه المواثيق وهذه الشرعة جاءت نتيجة حوارات جادة ومطولة داخل قاعات الأمم المتحدة، ومنذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحركة الدولية لحقوق الإنسان تبني إنجازاتها وتطورها على ما جاء فيه.لقد تطلب إنجاز الصكوك المتبقية من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان عدة سنوات أسفرت عن عهدين دوليين لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الصكوك في عام 1966م، وأهم ما يميز هذين العهدين أنهما يمثلان معاهدتين دوليتين ملزمتين قانونا، حيث تتعهد الدول المصدقة عليها بمراعاة الحقوق المعترف بها في هذين العهدين وتصبح هذه الدول ملتزمة أمام المجتمع الدولي بتعزيز هذه الحقوق واحترامها .
وفي المراحل الأولى من محاولة صياغة مفاهيم حقوق الإنسان كانت الحكومات تقوم بالدور الأساسي إن لم يكن الوحيد، واليوم فإن المنظمات غير الحكومية تقوم بدور فعال في تطوير المفاهيم والآليات الخاصة بحقوق الإنسان على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي.ويبقى أن رعاية حقوق الإنسان لا يمكن أن تنتهي بانتهاء مرحلة تنظيم وتصنيف القوانين. ولذلك تعتبر عملية مراقبة مدى تنفيذ هذه المعاهدات مسارا آخرا ذا أهمية في مجال التعاون الدولي، إذ بدونه لن تتمكن كل هذه المساعي إلى بلوغ الغايات المتوخاة .

·       ضمانات لحماية حقوق الإنسان:
حرصت النظم العريقة في اعلان حقوق الإنسان على وضع الضمانات العملية لاحترام وحماية هذه الحقوق، وقد أخذت هذه الضمانات عدة صور أساسها سيادة المواد المقررة لحقوق الإنسان على غيرها من القوانين، فبعد ان كانت تعتبر مجرد اعلانات لا قيمة قانونية لها ترد عادة في ديباجة الدستور وأحيانا في بدايته، بدأ يعترف لها بالقيمة الإلزامية وان استمر بعض الفقهاء الدستوريين على إنكار ذلك عليها، بل على انها لا ترقى إلى مرتبة القوانين العادية. وأما من اعترف لها بقيمة الإلزامية فبعضهم يراها في مرتبة أعلى من الدستور نفسه وبالتالي فهي ملزمة للمشرع العادي وللمشرع الدستوري، والبعض اعتبرها في مرتبة الدستور بحيث تكون ملزمة للمشرع العادي وللإدارة.
وكمثال على ذلك فقد اتجه القضاء الفرنسي إلى التفرقة بين المواد الواردة في إعلانات حقوق الإنسان وفي مقدمة الدستور والتي اعتبرها في مرتبة القوانين العادية وبين المواد الواردة في صلب الدستور والتي اعتبرها في مرتبة القوانين الدستورية .وبذلك يمكن القول أن الصور التي تبلورت فيها ضمانات حقوق الإنسان هي:
-الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية؛
-الرقابة الدستورية لضمان أن تكون القوانين في نطاق الدستور، وتكون وقائية سياسية أو قضائية؛
-رقابة المشروعية لضمان أن تكون اللوائح والقرارات التنظيمية والفردية في نطاق الدستور والقوانين.
-إحداث نظام المفوض البرلماني أو المدعي العام المختص بحقوق الإنسان أو الوسيط أو أي مؤسسة وطنية أو لجنة تعنى بحقوق الإنسان.
-رقابة الشعب المباشرة في نظم الديمقراطية المباشرة بوسائل الاستفتاء والاعتراض وعزل النواب ورئيس الدولة وحل المجالس النيابية مباشرة بواسطة الشعب.
-رقابة الشعب غير المباشرة من خلال وسائل الإعلام والأحزاب والنقابات والجمعيات و منظمات الغير الحكومية.
-إنشاء محكمة خاصة لحقوق الإنسان مثل المحكمة الأوربية بستراسبورغ.
إن حقوق الإنسان تعتبر ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والجماعات من أي تصرف أو إهمال يمس الحريات الأساسية والكرامة البشرية.
·       تصنيف حقوق الإنسان:
في خضم التطور الحاصل في مجالات حقوق الإنسان برزت العديد من الآراء ومنذ سنوات في محاولة لتصنيف مجالات حقوق الإنسان، وذلك من خلال تحليل ظاهرة تطورها كفكرة وبلورتها إلى نصوص ومواثيق دولية ملزمة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية والبيئية، وقد تبلورت هذه الأفكار والآراء لتحدد في ثلاث مراحل تتضمن الدفاع وحماية العديد من الحقوق:
-المرحلة الأولى : مرحلة التركيز على الحقوق الفردية
ويمكن تحديدها بين 1945 و1960، وفي هذه المرحلة ظهر بوضوح تركيز الأمم المتحدة والإعلان العالمي واتفاقيات أخرى على حقوق الفرد، وذلك بوضع الفرد أمام الدولة من خلال تلك النصوص.
-المرحلة الثانية: الترابط بين حقوق الفرد وحقوق الإنسان الجماعية
لم تتوقف قاعدة حماية الفرد فاستمرت رغم التحديات والأوضاع الصعبة للبحث في قضايا اللاجئين، وعديمي الجنسية، والنساء، والمعاقين، والتعذيب. وخلال هذه المرحلة تم الربط بين حقوق الشعوب وحقوق الإنسان وقد صدر فيها إعلان الأمم المتحدة لعام 1960 حول "منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة". واعتبر هذا الإعلان الاستعمار سببا في التخلف ويشكل فوق كل ذلك إنكارا لحقوق الإنسان. وتجلى أيضا الارتباط بين حقوق الشعوب وحقوق الإنسان من خلال العهدين الدوليين لعام 1966، حيث تضمنت المادة الاولى المشتركة نصا يقر لجميع الشعوب حقها في تقرير مصيرها، وبمقتضى هذا الحق تختار نظامها السياسي والاجتماعي، كما ورد ما يفيد في جواز تمتع الشعوب بحرية بثرواتها ومواردها الطبيعية . وكان للتوازن الإيديولوجي (الصراع بين المعسكرين) دور في إنضاج ظروف متوازنة لحقوق الفرد والجماعة، وقد تبنت الأمم المتحدة حقوق الشعوب كجزء أساسي في حقوق الإنسان، وانعكس ذلك بإدانة العنصرية عام 1963 و1965 والتمييز العنصري(الابارتايد) عام 1973.
-المرحلة الثالثة : مرحلة التوازن بين الحقوق
هذه المرحلة تتميز بنوع من التوازن في الحقوق والسعي لتعميقها، وذلك بإعادة الاعتبار إلى الحقوق المدنية والسياسية لدول العالم الثالث، كما يبرز أهمية مبدأ عدم قابلية الحقوق للتجزئة خصوصا، وأن مبادئ حقوق الإنسان أصبحت مقبولة بشكل عام على النطاق العالمي . ومنذ أن صدر إعلان الحق في التنمية عام 1986 بأغلبية 146 صوتا اعتبر " الحق في التنمية" يمثل الجيل الثالث من منظومة حقوق الإنسان إلى جانب صيانة السلم العالمي أو حق السلم، والحق في بيئة سليمة والحق في الاستفادة المشتركة من التراث البشري.
ومن هذه المنطلقات اعتبرت الحقوق المدنية والسياسية تمثل الجيل الأول لأنها كانت قد صيغت في القرن 18 وشكلت خلفية للثورة الفرنسية. أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فتمثل الجيل الثاني ووضعت في القرن التاسع عشر والعشرين تحت تأثير الفكر الاشتراكي، وخصوصا موضوع المساواة والحديث عن حقوق العمل والضمان الاجتماعي، أما الجيل الثالث أو حقوق التضامن فهي محاولة لإدخال البعد الإنساني في مجالات حقوق الإنسان، وولدت في ظروف وسياقات مختلفة عن الجيلين السابقين، وخصوصا أن هذه الحقوق كانت متروكة للدولة مثل البيئة والسلام والتنمية والتواصل والتراث المشترك للإنسانية .
إن حقوق الإنسان كلها على قدم المساواة في الأهمية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م ينص بوضوح على أن حقوق الإنسان بكافة أنواعها الاقتصادية والسياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية متساوية في الأهمية والصلاحية، وقد أكد المجتمع الدولي هذه الحقيقة مرارا ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر إعلان الحق في التنمية لعام 1986 وإعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993 واتفاقية حقوق الطفل التي حظيت بمصادقة شبه عالمية.



·        أهم خصائص و سمات حقوق الإنسان :
-أنها ذات طابع عالمي، وأنها حق يتمتع به أفراد الجنس البشري منذ الولادة؛
-أنها تركز على الكرامة المتأصلة والقيمة المتساوية لجميع أعضاء الأسرة البشرية؛
-أنها متساوية ومترابطة ولا يمكن تجزئتها؛
-أنها لايمكن أن تلغى أو تسلب؛
-أنها تفرض التزامات فيما يتعلق بالتصرف والإهمال خاصة على الدول والجهات الحكومية؛
-أنها مضمونة دوليا؛
-أنها تحظى بحماية قانونية؛
-أنها تحمي الأفراد كما تحمي الجماعات إلى حد ما.
كما أن حقوق الإنسان مترابطة وغير قابلة للتجزئة، ويقرر مبدأ عدم قابلية التجزئة أنه ليس هناك إنسان أقل درجة من إنسان آخر بصورة متآصلة كما ينبغي حماية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع الحقوق المدنية والسياسية، ومبدأ الترابط بين هذه الحقوق يقر ويسلم بصعوبة ممارسة أي من حقوق الإنسان بمعزل عن بقية الحقوق .






الفصل الثاني
الرصد وأنتهاكات حقوق الانسان

·       قانون الدولي حقوق الإنسان:
حقوق الإنسان هي ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والمجموعات من إجراءات الحكومات التي تتدخل في الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية. ويُلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات بفعل أشياء معينة ويمنعها من فعل أشياء أخرى.
وفي مرحلة سابقة من هذا القرن كان تعريف مصطلح "حقوق الإنسان" يقول بأنها تلك الحقوق التي تضمنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان (وتتألف من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين). ولكن مع مرور السنوات أخذت الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان تعلن بصراحة أكثر الحقوق المبسوطة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. وأصبح تعريف "حقوق الإنسان" الآن ينطوي على قدر أكبر من التفاصيل ومن التخصيص. ولذلك فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يمد حماية أكبر إلى الضعفاء من الأفراد والجماعات ويشمل ذلك الأطفال والمجموعات الأصلية من السكان واللاجئين والأشخاص المشردين والمرأة. وبالإضافة إلى ذلك وسّعت بعض صكوك حقوق الإنسان هذا التعريف بصياغة حقوق جديدة.[1]
·       القانون الإنساني الدولي:
ويمكن تعريف "القانون الإنساني الدولي" بأنه جزء من القانون الدولي يهدف خصيصاً إلى كفالة احترام المبادئ العامة للإنسانية في حالات النـزاع الدولي المسلح وكذلك (بقدر أقل) النـزاع الداخلي المسلح. وقد نشأ القانون الإنساني الدولي عن القانون الدولي العرفي والجهود الأولى في التقنين والمعاهدات المعتمدة في مؤتمر لاهاي للسلم في عامي 1899 و 1907والمصادر الرئيسية لهذا القانون هي اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949والبروتوكولان الإضافيان لهذه الاتفاقيات لعام 1977.
وفي حين أن معظم حقوق الإنسان تعتبر حقوقاً فردية تجاه الحكومات فقد تنطبق معايير حقوق الإنسان أيضاً على أطراف غير الدولة (مثل الجماعات المعارِضة المسلحة والشركات والمؤسسات المالية الدولية والأفراد الذين يرتكبون العنف المحلي) التي ترتكب إساءات ضد حقوق الإنسان. وقد كانت الحملة لإلغاء الرق، وهي واحدة من أول الجهود لحماية حقوق الإنسان، محاولة لمنع أطراف خاصة من الاحتفاظ بالرقيق أو الاتجار فيه.[2] وبموجب المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام  1949 وبروتوكليها الإضافيين لعام  1977 ينطبق القانون الإنساني الدولي على جماعات المعارضة المسلحة. وبالإضافة إلى ذلك توجد سلسلة من المعاهدات التي تتصل باختطاف الطائرات وخطف الدبلوماسيين إلخ. وقد أخذت معايير حقوق الإنسان الدولية تتطرق في الفترة الأخيرة إلى مسؤولية الحكومات لمنع الأفراد من ارتكاب مخالفات حقوق الإنسان في مناطق العنف المحلي وتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة إلخ.
وباختصار ينبغي لأغراض هذا الدليل النظر إلى مصطلح "حقوق الإنسان" في الوقت الحاضر بوصفه يشمل كلا الحقوق المعرفة تقليدياً في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وكذلك توسيع ذلك التعريف ليشمل الحقوق التي يضمنها القانون الإنساني الدولي. وبالإضافة إلى ذلك فإن معايير حقوق الإنسان تعتبر الآن قابلة للتنفيذ ضد بعض الأطراف من غير الدولة، أو أنها على الأقل تجعل الحكومات مسؤولة عن منع بعض مخالفات حقوق الإنسان من جانب الأفراد.[3] ولكن من المهم أن يلاحظ أن ولاية كثير من عمليات الأمم المتحدة لرصد حقوق الإنسان قد يمكن – وينبغي – تعريفها بالإشارة إلى حقوق الإنسان الأكثر أهمية في بلد بعينه والتي يمكن إلى أقصى حد معالجتها على يد عدد محدود من موظفي حقوق الإنسان.
·       الرصد:
"الرصد" هو مصطلح واسع يصف العمل النشط في تجميع المعلومات والتحقق منها واستعمالها فوراً من أجل معالجة مشاكل حقوق الإنسان. ويشمل رصد حقوق الإنسان جمع المعلومات عن الحوادث وأحداث المراقبة (الانتخابات والمحاكمات والمظاهرات إلخ) وزيارة المواقع مثل أماكن الاعتقال ومخيمات اللاجئين والمناقشات مع السلطات الحكومية للحصول على المعلومات ومتابعة وسائل العلاج وغير ذلك من إجراءات المتابعة الفورية.
·       تقصي الحقائق:
"تقصي الحقائق" يصف عملية استخلاص الحقائق من أرصدة الرصد. ومن هنا كان مصطلح "تقصي الحقائق" بالضرورة أضيق من مصطلح "الرصد". ويؤدي تقصي الحقائق إلى قدر كبير من جمع المعلومات للتأكد والتحقق من الحقائق المحيطة بادعاء انتهاك حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك يعني تقصي الحقائق متابعة المصداقية من خلال استعمال إجراءات مقبولة عموماً وإثبات الاشتهار بالنـزاهة وعدم التحيز.


·       المراقبة:
"المراقبة" تشير عادة إلى عملية تميل بقدر أكبر نحو السلبية في ملاحظة الأحداث مثل التجمعات والمحاكمات والانتخابات والمظاهرات. وهي أحد جوانب رصد حقوق الإنسان التي تتطلب حضوراً في الموقع.
·       "انتهاكات حقوق الإنسان" و"مخالفات حقوق الإنسان"
تشمل "انتهاكات حقوق الإنسانالتعديات الحكومية على الحقوق التي تضمنها القوانين الوطنية والإقليمية والدولية لحقوق الإنسان كما تشمل الفعل أو إغفال الفعل الذي يعزى مباشرة إلى الدولة وينطوي على إخفاق في تنفيذ الالتزامات القانونية المستمدة من معايير حقوق الإنسان. وتحدث الانتهاكات عندما يتعمد القانون أو السياسة العامة أو الممارسة خرق أو تجاهل الالتزامات الواقعة على الدولة المعنية أو عندما تخفق الدولة في تحقيق المستوى المطلوب من السلوك أو النتيجة. وتقع الانتهاكات الإضافية عندما تسحب الدولة أو تزيل الحماية القائمة لحقوق الإنسان.
وتفرض كل حقوق الإنسان – المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية – ثلاثة أنواع متمايزة من الالتزامات على الحكومات: التزامات الاحترام والحماية والوفاء. وإخفاق الحكومة في أداء أي من هذه الالتزامات يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان.
ورغم أن الإعمال الكامل لبعض جوانب حقوق بعينها قد لا يتحقق إلا بطريقة تدريجية فإن ذلك لا يغير من طابع الالتزامات القانونية على الدولة ولا يعني أن جميع الحقوق تنطوي على بعض العناصر التي تخضع دائماً للتنفيذ الفوري.
وفي صدد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالذات يمكن أن تحدث الانتهاكات أيضاً عندما تخفق الدولة في توفير "المستويات الجوهرية الدنيا من الحقوق" المتضمنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن هنا فإن أي دولة يوجد فيها "عدد كبير من الأفراد المحرومين من الأغذية الأساسية ومن الرعاية الصحية الأولية الأساسية ومن المأوى والمسكن الأساسي أو من أبسط أشكال التعليم هي لأول وهلة دولة تنتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وينطبق هذا الحد الأدنى من الالتزامات الأساسية بغض النظر عن توفر الموارد في البلد المعني وبغض النظر عن وجود أطراف أخرى وصعوبات.
وأي تمييز يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان سواء كان هذا التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره من الآراء أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو غير ذلك من الأوضاع بغرض أو بنتيجة إلغاء أو تقويض المساواة في التمتع بأي حق من حقوق الإنسان أو ممارسته.
وتُستخدم عبارة "مخالفة حقوق الإنسان" في هذا الدليل كمصطلح أوسع عن مصطلح "الانتهاكات" وتشمل السلوك الانتهاكي الذي ترتكبه جهات فاعلة غير الدولة.


·       ولاية العملية الميدانية لحقوق الإنسان:
تأتي ولاية العملية الميدانية لحقوق الإنسان عادة من مجلس الأمن أو غيره من هيئات الأمم المتحدة أو من الاتفاق مع الحكومة أو من كليهما.
وتكون هذه الولاية مفصلة للتنفيذ في ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني وكذلك في ضوء تقييم الاحتياجات الذي يجري قبل تنفيذ العملية.
وتنطبق الولاية في سياق شعب البلد وتاريخه وحكومته وجغرافيته واقتصاده والتزاماته بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.























الفصل الثالث
معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي
المفاهيم الرئيسية
ينبغي أن يكون ناشطو حقوق الإنسان على وعي بالمجموعة الكاملة لمعايير حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بالرغم من أن بؤرة اهتمام عملهم قد تتفاوت تبعا للحالة المحددة المنوطة بكل عملية . 
وتضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان أحكاما محددة للجماعات التي تتطلب حماية خاصة، مثل اللاجئين والمشردين داخليا والنساء والأقليات والأطفال.
ويتطلب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني من الدول محاكمة ومعاقبة المسؤولين عن انتهاكات هذا القانون بغرض وضع حد  للإفلات من العقاب.
على أنه ينبغي لناشط حقوق الإنسان أن يدرك أن هذا الملخص يوفر فقط نظرة موجزة على المجموعة الكبيرة من معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني
·       حق الفرد في عدم حرمانه  من الحياة تعسفا:
أ- القانون الدولي لحقوق الإنسان: عملا بالمادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وأمن على شخصه."  وتنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عل  أن " الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا."  ولاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان  أن المادة 6 تعلن "حقا لا يجوز تضييق تفسيره."[4]   وتنص المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز تضييق الحق في التحرر من القتل التعسفي، أي أن هذا الحق لا يمكن تعطيله حتى في حالات الطوارئ.

ب- القانون الإنساني الدولي :كما يحمي القانون الإنساني الدولي حق الفرد في عدم حرمانه من الحياة تعسفا.  وتحظر المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع "في جميع الأوقات والأماكن...الاعتداء علي الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" ضد الأشخاص الذين لا يشتركون اشتراكا فعليا في نزاع مسلح لا يتسم بطابع دولي.  كما  تحظر المادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني "الاعتداء علي حياة الأشخاص [الذين لا يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في الأعمال العدائية الدولية] وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية ولا سيما القتل".

·       الحق في السلامة الشخصية:
أ- القانون الدولي لحقوق الإنسان: عملا بالمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة."  كما تضمن المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في عدم التعرض للتعذيب.  وتشير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام على المادة 7 إلى أنه لا يجوز تضييق هذا الحكم حتى في حالات الطوارئ الاستثنائية.[5]
كما تنص المادة 10 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن " يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني."  وتفسر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المادة 10 (1) في تعليقها العام 21 بأنها تنطبق على "أي شخص محروم من حريته بموجب قوانين الدولة وسلطتها ويحتجز في السجون أو المستشفيات، وبخاصة مستشفيات الأمراض العقلية، أو مخيمات الاحتجاز أو الإصلاحيات أو في أي مكان آخر."[6] 

ب-القانون الإنساني الدولي :تتضمن جميع اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيان أحكاما تحظر صراحةً أو ضمناً التعذيب وغيره من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.  ويحظر أثناء النزاع المسلح الدولي تعذيب الجرحى والمرضى  بالقوات المسلحة في الميدان بموجب المادة 12 من اتفاقية جنيف الأولى، ويحظر تعذيب الجرحى والمرضى والغرقى في البحر بموجب المادة 12 من اتفاقية جنيف الثانية، وأسرى الحرب بموجب  المادتين 17 و 87 من اتفاقية جنيف الثالثة، والمدنيين بموجب المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني.

·       حق الفرد في الحرية  والأمن على  شخصه:
أ- القانون الدولي لحقوق الإنسان : طبقا للمادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، " لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه."  كما تنص المادة 9 من الإعلان العالمي على أنه " لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا."
وتكفل المادة 9(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه."  وأشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن "الفقرة 1 تنطبق على جميع حالات الحرمان من الحرية، سواء أكانت في قضايا جنائية أم في قضايا أخرى، مثل المرض العقلي والتشرد وإدمان المخدرات والأغراض التربوية والسيطرة على الهجرة، الخ."[7]
صور انتهاكات حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه :
1.      الاحتجاز التعسفي:يقع انتهاك الحق في الحرية عندما يقوم موظف عمومي أو أي شخص آخر يعمل بصفة رسمية أو بتحريض رسمي منه أو برضاه أو موافقته، بحرمان شخص، بدون سبب مشروع، من حريته عن طريق احتجازه في سجن أو في أي مرفق احتجاز آخر أو وضعه تحت الإقامة الجبرية ، وأول ما تتضمنه المادة 9 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والاقتصادية هو متطلب قانونية التوقيف والاحتجاز.  ولا يُسمح بالحرمان من الحرية إلا عندما يتم لأسباب وطبقا  لإجراءات يقررها القانون.  ويقع انتهاك لمبدأ القانونية إذا تعرض شخص للتوقيف أو الاحتجاز لأسباب غير مقررة تقريرا واضحا في القانون أو تتنافى مع هذا القانون.
2.      الاختفاء القسري :طبقا للتعليق العام رقم 6 للجنة المعنية بحقوق الإنسان، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير محددة وفعالة  لمنع اختفاء الأفراد.  ويتضمن إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري[8] توجيها تفصيلا بشأن التزامات الدول إزاء هذه المسألة. 


·       الحقوق في مجال إدارة شئون القضاء :
تشمل إدارة شئون القضاء أداء واستقلال المحاكم، ودور أعضاء النيابة، ودور المحامين، ودور الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وحقوق الإنسان أثناء التحقيقات الجنائية والتوقيف والاحتجاز، والحق في محاكمة منصفة، ومعايير حماية السجناء، والتدابير غير الاحتجازية، وإدارة شئون قضاء الأحداث، وحقوق الأقليات وغير المواطنين واللاجئين، وحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة في النظام القانوني، وحماية وسبل انتصاف ضحايا الجرائم وإساءة استعمال السلطة، وإدارة شئون القضاء في حالات الطوارئ، والإحضار أو الحق في الحماية أو وسائل الانتصاف المشابهة، ودور المحاكم في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
1- المحاكم: تنص المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه."
2- أعضاء النيابة : تعترف المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة[9] بأن أعضاء النيابة يضطلعون بدور حاسم في إقامة العدل، وأن القواعد المتعلقة بأدائهم لمسؤولياتهم الهامة ينبغي أن تعزز احترامهم للمبادئ الآنفة الذكر والتزامهم بها، بحيث تسهم في إقامة عدالة جنائية منصفة وفي وقاية المواطنين من الجريمة بصورة فعالة. 
ويتطلب المبدأ 10 أن "تكون مناصب أعضاء النيابة العامة منفصلة تماما عن الوظائف القضائية."  وينص المبدأ 12 على  أنه " على أعضاء النيابة العامة أن يؤدوا واجباتهم وفقا للقانون، بإنصاف واتساق وسرعة، وأن يحترموا كرامة الإنسان ويحموها ويساندوا حقوق الإنسان، بحيث يسهمون في تأمين سلامة الإجراءات وسلامة سير أعمال نظام العدالة الجنائية."
3- المحامون: تعترف المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين[10] بأن الحماية الكاملة لحقوق الإنسان تقتضي الوصول الفعال إلى الخدمات القانونية التي يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون وتقرر التزامات للحكومات لتوفير   اتصال الجميع، بفعالية وعلى قدم المساواة، بالمحامين بدون تمييز. 
4- الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين: تعترف مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين[11] بواجبهم الذي يلقيه القانون على عاتقهم، وذلك أساسا بخدمة المجتمع وبحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية، على نحو يتفق مع علو درجة المسؤولية التي تتطلبها مهنتهم.

·       حرية الرأي والتعبير[12]
تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود."
ويعلن العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 ما يلي:
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
 (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وقد علقت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قائلة بأن المادة 19 (1) هي "حق لا يسمح العهد بأن يخضع لأي استثناء أو قيد."[13]


·       حرية  الاشتراك في الجمعيات وحرية التجمع:
تنص المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية."
وتنص المادة 22 (1) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه."  وعملا بالمادة 22 (2) " لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم."

·       حرية التنقل والإقامة:
عملا بالمادة 13 (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "لكل فرد حق في حرية التنقل وفى اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة."  كما تعلن المادة 13 (2) أن "لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده."
وتكفل المادة 12 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في حرية التنقل والإقامة:
1- لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.
2- لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
3-  لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد.
4- لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.
·       حق التملك:
تنص المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن " لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره... ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا."  ولا يتضمن العهدان  نصاً مشابها.  والواقع أن المادة 1 من العهدين  تنص على أن "لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة."  كما يحظر العهدان التمييز لعدة أسباب، من بينها التمييز بسبب الثروة.
يرتبط حق التملك ارتباطا وثيقا بالحق في السكن. وتنص المادة 11 من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  على "حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى...".  وتترد أدناه مناقشة أشمل للحق في السكن باعتباره أحد أمثلة الحقوق الاقتصادية.

·       الحق في  السكن وغيره من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
تتضمن المادة 2 (1) من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  الالتزام الأساسي الذي يقع على جميع الحكومات التي صادقت على المعاهدة، وهذا نصها: تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية.

·       حقوق اللاجئين والمشردين داخليا:
1- اللاجئون:تعرف المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين (المعدلة بالمادة 1 من البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين) لفظة "لاجئ" بأنها تشير إلى أي شخص "بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد."  (أنظر الفصل العاشر: "رصد وحماية حقوق الإنسان  الخاصة باللاجئين و/أو الأشخاص المشردين داخليا الذين يعيشون في المخيمات").  ولا ينطبق وضع لاجئ على بعض الأشخاص إذا ارتكبوا  جريمة جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء أو إذا أدينوا بأعمال تتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
والمادة 31 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين تعفي اللاجئين من إجراءات الهجرة العادية وتنص على أن "تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض عقوبات جزائية، بسبب دخولهم أو وجودهم غير القانوني، علي اللاجئين الذين يدخلون إقليمها أو يوجدون فيه دون إذن، قادمين مباشرة من إقليم كانت فيه حياتهم أو حريتهم مهددة...".




2- المشردون داخليا: الاضطهاد الذي ينجم عنه ترحيل إجباري وواسع عبر الحدود يؤدي في العادة أيضا إلى تشريد داخلي واسع.  وطبقا للمبادئ التوجيهية بشأن التشرد الداخلي[14] فإن الأشخاص المشردين داخليا هم:

الأشخاص أو المجموعات الذين أكرهوا على الهرب أو على ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم العادية أو اضطروا إلى ذلك ولا سيما نتيجة أو سعيا لتفادى آثار النزاع المسلح أو حالات العنف المعمم أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الكوارث الطبيعية أو التي هي من صنع الإنسان والذين لم يعبروا حدًا دوليا معترفا به من حدود دولة .

·       حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة:
ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن (1) يحصل الرجل والمرأة على معاملة متساوية و(2) تنطبق أنواع  خاصة من الحماية على النساء بسبب مركزهن كجماعة ضعيفة.
والمادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تعرف "التمييز ضد المرأة" بأنه "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر"  وفي إطار هذا "النموذج الذي يقوم على عدم التمييز"، تنتهك حقوق المرأة إذا منعت من نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل.
وتعيد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تأكيد الالتزام بمساواة المرأة مع الرجل أمام القانون (المادة 15).  كما تلزم الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة (المادة 7) والتعليم (المادة 10) والعمل (المادة 11) والرعاية الصحية (المادة 12) والحياة الاقتصادية والاجتماعية (المادة 13) والزواج والعلاقات  العائلية (المادة 16).

·       حقوق الأقليات:
تعلن المادة 27 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنه "لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم."  وبناء على ذلك، تشمل حقوق الأقليات الدولية كحد أدنى: (1) مبادئ المساواة أمام القانون وعدم التمييز و (2) الحق في المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره و (3) حق التمتع بثقافتهم الخاصة و (4) الحق في استخدام لغتهم الخاصة.[15]


·       حقوق الطفل[16]:
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان يتمتع الأطفال بالحق في الرعاية والحماية الخاصتين.  وعملا بالمادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل " عنى الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه."
واتفاقية حقوق الطفل هي أشمل صك حول هذا الموضوع،  إذ تشمل الاعتراف بالحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأنواع الحماية الخاصة التي يتطلبها تحديداً الأطفال.  وقد حظيت الاتفاقية بعدد من التصديقات يزيد عما حظيت عليه أي معاهدة أخرى من معاهدات حقوق الإنسان وهي بذلك تمثل أداة هامة لموظفي حقوق الإنسان.
وقد حددت لجنة حقوق الطفل أربعة مبادئ أساسية لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل:
 (1) عدم التمييز (المادة 2).  من المهم ملاحظة أن الاتفاقية تكفل الحماية للأطفال من التمييز القائم ليس فقط على أساس ظروفهم الخاصة، بل أيضا بسبب ظروف آبائهم أو أوصيائهم القانونيين أو أفراد أسرهم الآخرين.

(2) مصالح الطفل الفضلى (المادة 3) التي ينبغي أن تُولى الاعتبار الأول في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء أقامت بها هيئات عامة أم خاصة.

(3) الحق في الحياة والبقاء والنمو (المادة 6) الذي لا يشدد فقط على حق الأطفال في عدم حرمانهم من الحياة تعسفا، بل يشدد أيضا على حقهم في حياة تكفل نموهم البدني والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي على أكمل وجه.

(4) احترام آراء الطفل (المادة 12). ينبغي أن تتاح للطفل القدرة على التعبير عن آرائه بحرية وينبغي الاستماع إليها وإيلاؤها الاعتبار الواجب وفقا لسن الطفل ونضجه.
وفي حين أن المادة 24 (1) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تتطلب قيام أي دولة طرف باتخاذ تدابير خاصة لحماية الأطفال، تتضمن اتفاقية حقوق الطفل مجالات محددة تلتزم الدول بأن تتخذ فيها تدابير لحماية مصالح الأطفال، بما في ذلك:
(أ) حماية الأطفال من الضرر البدني أو العقلي والإهمال؛
 (ب) إيلاء اهتمام خاص إلى لأطفال الذين لهم مشاكل مع القانون؛
(ج) حق الأطفال المعوقين في  معاملة خاصة وفي التعليم والرعاية؛
(د) الرعاية الصحية لجميع الأطفال؛
(هـ) التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي؛
(و) الحماية من الاستغلال الاقتصادي؛
(ز) الحماية من جميع أشكال  الانتهاك الجنسي والاستغلال الجنسي؛
(ح) حظر تجنيد الأطفال الذي لم يتجاوزوا الخامسة عشرة في القوات المسلحة.
ويوجد بين الأطفال  جماعات ضعيفة تتطلب انتباها، وهم الأطفال المحتجزون والأطفال المحرومون من بيئتهم  العائلية وأطفال الشوارع والأطفال الجنود (الذين يعبرون عن أحكام اتفاقيات جنيف وبروتوكليها ذات الصلة) والأطفال اللاجئون والأطفال الذين بدون مرافق أثناء الإعادة إلى الوطن والأطفال المصابون بعاهات.

·        الحق في معاملة غير تمييزية:
يفرض القانون الدولي لحقوق الإنسان معايير الحماية المتساوية وعدم التمييز.  وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 7 على أن "الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز،، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز."
وتنص المادة 2 (1) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب."
كما تنص المادة 26 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق مستقل في المساواة:
الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.


·       الحق في التنمية:
في عام 1986 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة  إعلان الحق في التنمية[17]  الذي ينص في المادة 1 على أن "الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما...". ويسلم الإعلان بأن التنمية "عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم، النشطة والحرة والهادفة، في التنمية وفى التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها." 
ويشمل الحق في التنمية عناصر رئيسية هي: السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، وتقرير المصير، والمشاركة الشعبية،  وتكافؤ الفرص، وتحسين الأوضاع الملائمة للتمتع بالحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى.
وتنص المادة 2 على أن "الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية وينبغي أن يكون المشارك النشط في الحق في التنمية والمستفيد منه...".   ويحق للأفراد والشعوب على السواء المطالبة بالحق في التنمية.  والأهم من ذلك أن هذا الحق يلزم  فرادى الدول في ضمانها لتكافؤ وكفاية فرص الوصول إلى الموارد الأساسية، والمجتمع الدولي فيما يقع عليه من واجب،  تعزيز سياسات التنمية المنصفة والتعاون الدولي الفعال.

·       مبادئ عدم الإفلات من العقاب:
كان الاتجاه السائد في القانون الدولي هو منع سياسة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة للسلامة البدنية.  ويمكن رؤية الاتجاه العريض لمكافحة الإفلات من العقاب في القانون الدولي في الوثيقة النهائية للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلن أنه "ينبغي للدول أن تلغي التشريعات التي تضمن إفلات المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل التعذيب، من العقاب وعلي الدول أيضا أن تحاكمهم علي هذه الانتهاكات، موفرة بذلك أساساً وطيداً لسيادة القانون."[18]
وتتطلب اتفاقية عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها من الدول الأطراف "المعاقبة على الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب." (المادة 1).  وعملا  بالمادة الرابعة من الاتفاقية "يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي فعل من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا."  والإفلات من العقاب على الإبادة الجماعية يتعارض بوضوح مع الاتفاقية.
بتسليم الأشخاص الذين يدّعى ارتكابهم لجرائم التعذيب  أو "بعرض القضية على سلطاتها المختصة بقصد تقديم الشخص للمحاكمة." 
وينص إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة 14 على إحالة أي أشخاص تُدّعَى مسؤوليتهم عن وقوع اختفاء قسري إلى السلطات المختصة " لإقامة الدعوى والحكم عليهم ما لم يكونوا قد سلموا إلي دولة أخري ترغب في ممارسة ولايتها...".  وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 18 (1) على أن  "لا يستفيد الأشخاص الذين ارتكبوا أو أدعي أنهم ارتكبوا [حالات اختفاء قسري] من أي قانون عفو خاص أو أي إجراء مماثل آخر قد يترتب عليه إعفاء هؤلاء الأشخاص من أي محاكمة أو عقوبة جنائية."
وقد عزز مجلس الأمن الجهود الدولية المبذولة لضمان عدم السماح بالإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذلك عن طريق إنشاء المحكمة الدولية  لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي في إقليم يوغسلافيا السابق منذ عام 1991 والمحكمة الجنائية الدولية  لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن أعمال الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في إقليم رواندا.[19]
المصادر

1- الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
2-الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، قرار الجمعية العامة 3447 (د 30 )، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الثلاثون، الملحق رقم 34، الوثيقة A/10034 (1975) وإعلان الحق في التنمية، قرار الجمعية العامة 41/128، المرفق، 41، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الملحق رقم  53، صفحة  186، الوثيقة A/41/53  (1986).
3- انظر البيان العام وإعلان بروكسل لعام 1890، اتفاقية سان جيرمان أون لاي لعام 1919 واتفاقية الرق لعام 1926، وثائق عصبة الأمم 253، دخلت حيز التنفيذ في 9مارس/ آذار 1927.
4- أندرو كلافام، حقوق الإنسان في المجال الخاص، 95-133 (1993).
5- اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 6، المادة 6 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1 ، صفحة 6 من النص الإنكليزي (1994).
6-  اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 7، المادة 7 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1 ، صفحة 7 من النص الإنكليزي (1994).
،اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 21، المادة 10 (الدورة الرابعة والأربعون، 1992)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1،  صفحة 33 من النص الإنكليزي (1994).
7- اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 8، المادة 9 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1، صفحة 8 من النص الإنكليزي (1994).
8- قرار الجمعية العامة  47/133 المؤرخ في 18 ديسمبر/كانون الأول 1992، الوثيقة A/RES/47/133,I.L.M, 903 (1993).
9- مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، المنعقد في هافانا من 27 أغسطس/آب  إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، الوثيقة A/CONF.144/28/Rev.1، صفحة 189 من النص الإنكليزي (1990).
مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، المنعقد في هافانا من 27 أغسطس/آب  إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، الوثيقة A/CONF.144/28/Rev.1، صفحة 118 من النص الإنكليزي (1990).
قرار الجمعية العامة 34/169، المرفق، الدورة الرابعة والثلاثون، الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الملحق رقم 46، صفحة 186 من النص الإنكليزي، الوثيقة A/34/46 (1979).
10- وثيقة الأمم المتحدة  E/CN.4/1998/53/Add.2
11- اتفاقية حقوق الطفل
12- اتفاقية cedaw





[1] انظر على سبيل المثال الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، قرار الجمعية العامة 3447 (د 30 )، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الثلاثون، الملحق رقم 34، الوثيقة A/10034 (1975) وإعلان الحق في التنمية، قرار الجمعية العامة 41/128، المرفق، 41، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الملحق رقم  53، صفحة  186، الوثيقة A/41/53  (1986).
[2] انظر البيان العام وإعلان بروكسل لعام 1890، اتفاقية سان جيرمان أون لاي لعام 1919 واتفاقية الرق لعام 1926، وثائق عصبة الأمم 253، دخلت حيز التنفيذ في 9مارس/ آذار 1927.
[3] انظر: أندرو كلافام، حقوق الإنسان في المجال الخاص، 95-133 (1993).
[4] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 6، المادة 6 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1 ، صفحة 6 من النص الإنكليزي (1994).
[5] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 7، المادة 7 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1 ، صفحة 7 من النص الإنكليزي (1994).
[6] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 21، المادة 10 (الدورة الرابعة والأربعون، 1992)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1،  صفحة 33 من النص الإنكليزي (1994).
[7] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 8، المادة 9 (الدورة السادسة عشرة، 1982)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEN/1/Rev.1، صفحة 8 من النص الإنكليزي (1994).
[8] اعتمدته الجمعية العامة في القرار 47/133 المؤرخ في 18 ديسمبر/كانون الأول 1992، الوثيقة A/RES/47/133,I.L.M, 903 (1993).
[9] مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، المنعقد في هافانا من 27 أغسطس/آب  إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، الوثيقة A/CONF.144/28/Rev.1، صفحة 189 من النص الإنكليزي (1990).
[10]مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، المنعقد في هافانا من 27 أغسطس/آب  إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، الوثيقة A/CONF.144/28/Rev.1، صفحة 118 من النص الإنكليزي (1990).
[11] قرار الجمعية العامة 34/169، المرفق، الدورة الرابعة والثلاثون، الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الملحق رقم 46، صفحة 186 من النص الإنكليزي، الوثيقة A/34/46 (1979).
[12] لاستعراض أشمل للقانون الدولي المتصل بالحق في حرية التعبير، أنظر دليل حرية التعبير المنصوص عليها في المادة 19 (1993).
[13] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 10، المادة 19 (الدورة التاسعة عشرة، 1983)، مجموعة تعليقات عامة وتوصيات عامة اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، الوثيقة HRI/GEM/1 ، صفحة 11 من النص الإنكليزي (1994).
[14] وثيقة الأمم المتحدة  E/CN.4/1998/53/Add.2
[15] أنظر هيرست هانوم، الحكم الذاتي والسيادة وتقرير المصير، الصفحات من 69 إلى 70 (1992).
[16] لمزيد من المعلومات عن الحقوق الخاصة بالأطفال، يرجى الرجوع إلى الفصل الثامن: "حقوق الأطفال."
[17] قرار الجمعية العامة 41ظ128، الدورة الحادية والأربعون، الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الملحق رقم 53، صفحة 186، الوثيقة A/41/53 (1986).
[18] A/CONF.157-/23، الجزء الثاني، الفرع باء-5، الفقرة 60.
[19]  قرارا مجلس الأمن 827 المؤرخ في 25 مايو/أيار 1993 و955 المؤرخ في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1994.