الخميس، 7 يناير 2016

ضعف التعافي في الأسواق الصاعدة يُؤثِّر بشدة في النمو العالمي في 2016

كشف تقرير جديد للبنك الدولي أن ضعف النمو في بلدان الأسواق الصاعدة الرئيسية سيُؤثِّر في النمو العالمي في 2016، لكن النشاط الاقتصادي العالمي مع ذلك ستتسارع وتيرته بخطى متواضعة إلى 2.9 في المائة من معدل نمو قدره 2.4 في المائة في 2015، في ظل تسارع معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة. جاء ذلك في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الذي صدر في يناير/كانون الثاني 2016. 
وأشار التقرير إلى أن هذا الضعف المتزامن في معظم الأسواق الصاعدة الرئيسية يدعو إلى القلق فيما يتعلَّق بجهود تحقيق هدفي إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك، نظرا لأن تلك البلدان كانت لها مساهمة قوية في النمو العالمي خلال السنوات العشر الماضية. ويحذر التقرير في الوقت نفسه من أن الآثار غير المباشرة لأوضاع الأسواق الصاعدة الرئيسية ستُضعِف النمو في البلدان النامية، وتُنذِر بضياع المكاسب التي تحقَّقت بشق الأنفس في انتشال الناس من براثن الفقر. 
وتعقيبا على التقرير، قال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم "يعيش أكثر من 40 في المائة من فقراء العالم في البلدان النامية التي تراجع معدل النمو فيها في عام 2015. ومن الضروري أن تُركِّز البلدان النامية على بناء قدرتها على الصمود في وجه ضعف البيئة الاقتصادية وعلى حماية الفئات الأشد حرمانا. ومن المحتمل أن تكون فوائد إصلاح نظم الحوكمة وبيئة الأعمال كبيرة بحيث تُعوِّض عن آثار بطء النمو في الاقتصادات الأكبر حجما".
وكان معدل النمو الاقتصادي العالمي أقل مما هو متوقع في عام 2015، عندما تضرر النشاط الاقتصادي بشدة من جراء هبوط أسعار السلع الأولية، وتراجع تدفقات التجارة ورؤوس الأموال، وتقلُّبات الأسواق المالية. وسيعتمد تحسُّن النمو في المستقبل على استمرار زخم النشاط في البلدان مرتفعة الدخل، واستقرار أسعار السلع الأولية، ونجاح الصين في الانتقال التدريجي نحو نموذج نمو أكثر استنادا إلى الاستهلاك والخدمات.
ومن المتوقع أن تُحقِّق البلدان النامية نموا نسبته 4.8 في المائة في عام 2016، وهو أقل مما أشارت إليه تنبؤات سابقة، ولكنه أعلى من المستوى المتدني بعد الأزمة والبالغ 4.3 في المائة في السنة التي انتهت لتوها. ومن المحتمل أن يُسجل النمو في الصين مزيدا من التراجع، أمَّا في روسيا والبرازيل فمن المتوقع أن تستمر حالة الكساد في عام 2016. ومن المتوقع أن تكون منطقة جنوب آسيا، بقيادة الهند، نقطة مشرقة في الاقتصاد العالمي. وقد تُتيح الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تم التفاوض عليها في الآونة الأخيرة تعزيز حركة التجارة. 
من جانبه، قال كوشيك باسو نائب رئيس مجموعة البنك الدولي ورئيس الخبراء الاقتصاديين "لقد زاد التباين في الأداء فيما بين الاقتصادات الصاعدة. وبالمقارنة بالوضع قبل ستة أشهر، فإن المخاطر اشتدت، ولاسيما تلك المرتبطة باحتمال تباطؤ النمو في أحد بلدان الاقتصادات الصاعدة الرئيسية. وللتخفيف من هذه المخاطر ومساندة النمو، ينبغي اتخاذ مجموعة من السياسات المتصلة بالمالية العامة والبنوك المركزية".
وعلى الرغم من بُعد احتماله، فإن حدوث تباطؤ أسرع مما هو متوقع في الاقتصادات الصاعدة الكبيرة قد تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي. وتشتمل المخاطر التي تهدد آفاق المستقبل أيضا على الضغوط المالية الناجمة عن دورة تضييق الائتمان التي سيُقدِم عليها مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي واشتداد التوترات الجيوسياسية.
وقال أيهان كوسي مدير مجموعة الآفاق الاقتصادية للتنمية التابعة للبنك الدولي "إن تعافي معدلات النمو في الأسواق المُتقدِّمة سيُعوِّض جزئيا فقط عن مخاطر استمرار الضعف في بلدان الأسواق الصاعدة الرئيسية. وفضلا عن ذلك، فإن خطر حدوث فوضى اقتصادية في ظل ظروف جديدة تتسم بارتفاع تكاليف الاقتراض ما زال ماثلا".
الآفاق الإقليمية
شرق آسيا والمحيط الهادئ: من المُتوقَّع أن يواصل معدل النمو في المنطقة تراجعه إلى 6.3 في المائة في عام 2016 من مستوى أقل قليلا من المتوقع قدره 6.4 في المائة في 2015. وتشير التنبؤات إلى أن النمو في الصين سيشهد بعض التراجع ليصل إلى 6.7 في المائة في 2016 من 6.9 في المائة في 2015. وبلغ معدل النمو في المنطقة، باستثناء الصين، 4.6 في المائة في 2015 دونما تغيُّر بوجه عام عن مستواه في 2014، إذ إن ضعف النمو في البلدان المُصدِّرة للسلع الأولية، ومنها إندونيسيا وماليزيا، عوَّض عنه تسارع وتيرة النمو في فييتنام وتعاف معتدل في تايلند. وتشتمل المخاطر على امكانية تباطؤ  النمو عما هو متوقع في الصين، واحتمال تجدُّد اضطراب الأسواق المالية، وتشديد مفاجئ للظروف المالية. 
أوروبا وآسيا الوسطى: من المُتوقَّع أن يزداد معدل النمو في المنطقة إلى 3 في المائة في 2016 من 2.1 في المائة في السنة المنصرمة في ظل تباطؤ وتيرة انخفاض أسعار النفط أو استقرارها، وتحسُّن الظروف الاقتصادية في الاتحاد الروسي، وانتعاش أوكرانيا. وتشير التنبؤات إلى أن النشاط الاقتصادي في روسيا سينكمش بنسبة 0.7 في المائة في 2016 بعد انكماش نسبته 3.8 في المائة في السنة التي انتهت لتوها. وقد يشهد النمو تعافيا طفيفا في الجزء الشرقي من المنطقة، الذي يشتمل على شرق أوروبا، وجنوب القوقاز، وآسيا الوسطى، إذا استقرت أسعار السلع الأولية. أمَّا الجزء الغربي من المنطقة الذي يشتمل على بلغاريا ورومانيا وتركيا وغرب البلقان فقد ينمو نموا متواضعا في عام 2016 بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو.
أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي: من المتوقع أن تُسجِّل المنطقة تعافيا طفيفا من حالة الكساد في عام 2016، مع إستقرار مستوى النشاط الإقتصادي بعد انكماش نسبته 0.9 في المائة في السنة التي انتهت لتوها، إذ تسعى المنطقة جاهدة لمواجهة آثار هبوط طال أمده لأسعار السلع الأولية والتحديات المحلية على أكبر اقتصادات المنطقة. غير أن هناك اختلافات بين المناطق الفرعية، حيث سيعوض اشتداد النمو في البلدان النامية في أمريكا الوسطى والشمالية والبحر الكاريبي ضعف النمو في أمريكا الجنوبية. ومن المتوقع أن تستمر حالة الكساد الحالي في البرازيل في 2016، ولكن من المتوقع أن تعود إلى نمو إيجابي في 2017. وعلى الرغم من الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط وما يتصل بها من ضغوط على المالية العامة، فمن المتوقع أن ينتعش النمو في المكسيك بفضل عوائد تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزيز الطلب من السوق الأمريكية.
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من المُتوقَّع أن يتسارع معدل النمو في المنطقة إلى 5.1 في المائة في عام 2016 من 2.5 في المائة في السنة التي انتهت لتوها، إذ إن التعليق أو الرفع المتوقع للعقوبات الاقتصادية المفروضة على جمهورية إيران الإسلامية سيتيح لها أن تلعب دورا أكبر في أسواق الطاقة العالمية. وتشير التنبؤات إلى أن النمو سينتعش في البلدان الأخرى المُصدِّرة للنفط أيضا، بناء على افتراض أن أسعار النفط ستستقر. لكن المنطقة عرضة لمخاطر شديدة من جراء احتمال تصاعد الصراعات، واستمرار تراجع أسعار النفط، والفشل في تحسين الظروف المعيشية، الأمر الذي قد يثير اضطرابات اجتماعية.
جنوب آسيا: من المُتوقَّع أن تكون المنطقة نقطة مشرقة في الآفاق المستقبلية للاقتصادات الصاعدة والنامية، إذ من المحتمل أن يرتفع معدل النمو إلى 7.3 في المائة في 2016 من 7 في المائة في السنة الماضية. وبما ان المنطقة مستوردة صافية للنفط فسوف تستفيد من تراجع أسعار الطاقة العالمية. وبسبب تكاملها المحدود نسبيا مع الإقتصاد العالمي تُحمى المنطقة من التقلبات في النمو للإقتصادات الأخرى. وفي السنة المالية 2016-2017، من المتوقع أن تسجل الهند –وهي الاقتصاد الرئيسي في المنطقة- نموا أسرع نسبته 7.8 في المائة وقد تتسارع وتيرة النمو في باكستان (على أساس تكلفة عوامل الإنتاج) إلى 4.5 في المائة. 
أفريقيا جنوب الصحراء: من المتوقع أن يزداد معدل النمو في المنطقة إلى 4.2 في المائة في 2016 من 3.4 في المائة في 2015 مع استقرار أسعار السلع الأولية. وسيتفاوت النشاط الاقتصادي بين أجزاء أفريقيا جنوب الصحراء، مع استمرار ضعف نمو الاستهلاك في البلدان المُصدِّرة للنفط بسبب ارتفاع تكاليف الوقود، أمَّا في البلدان المستوردة للنفط فيساعد انخفاض التضخم في تعزيز إنفاق المستهلكين. وقد تشهد نيجيريا نموا نسبته 4.6 في المائة بعد أن سجلت معدل نمو قدره 3.3 في المائة العام الماضي، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في جنوب أفريقيا بخطى متواضعة إلى 1.4 في المائة من 1.3 في المائة في السنة التي انتهت لتوها.
لقراءة عدد يناير/كانون الثاني 2016 الكامل من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية 2016، يرجى زيارة:www.worldbank.org/gep.
http://www.albankaldawli.org/
البنك الدولي / النمو العالمي 

ليست هناك تعليقات: